وأخيرا نفضت مكتبات تونس الغبار عن رفوفها وباتت تعرض كتبا ومنشورات كانت إلى حد أيام قليلة من الممنوعات والمحظورات .
فمنذ 14 جانفي 2011 تغير المشهد العام و أضحى توريد الكتب و المنشورات و الأفلام إلى بلادنا غير خاضع إلى أي ترخيص مسبق و ذلك منذ يوم 22 جانفي الفارط.
وفي ما يخص المجال الثقافي فقد عانى العديد من الكتاب والمبدعين من الرقابة ومنع ترويج إنتاجهم في الأسواق ومع انبلاج فجر الحرية والكرامة إثر سقوط الطاغية سارع أهل الفكر والقلم إلى المطالبة بضمان حرية التعبير والنشر فضلا عن توريد الكتب بما يعزز حرية الإعلام والرأي.
وقد انعكس هذا الإجراء على واجهات مكتبات العاصمة حيث أصبح بإمكان القارئ أن يعثر على ضالته من الكتب التي كانت إلى وقت قريب ممنوعة أو مفقودة و بدأت المكتبات في النهوض من سباتها و عرض كتب ذات مضامين متنوعة وجريئة في مختلف الأغراض الأدبية والعلمية والفكرية والسياسية والاقتصادية.
ففي واجهة إحدى المكتبات الرئيسية في تونس العاصمة وهي مكتبة "الكتاب" بشارع الحبيب بورقيبة تبرز للعيان ولأول مرة كتب كانت تعتبر من المحظورات التي تعرض ماسكها للمساءلة وربما لأشد العقاب منها كتاب "حاكمة قرطاج" الذي يفضح ممارسات زوجة المخلوع وكتاب "صديقنا بن علي"وفيه العديد من أسرار وفضائح الديكتاتور الهارب وهما كتابان كانا قد صدرا بباريس في السنوات القليلة الماضية.
وفي رصد لشهادات بعض أصحاب المكتبات الذين عانوا الأمرين من ويلات الرقابة المفروضة على مختلف المصنفات الأدبية والفكرية كان اللقاء مع السيد كمال حمايدي المسؤول عن المبيعات في مكتبة "الكتاب" الذي صرح بأن أصحاب المكتبات اليوم تمكنوا من استرجاع حقهم وحق الجمهور التونسي مذكرا بالضغط المعنوي والمالي الذي تعرضت له المنظومة المكتبية خلال العشرين سنة الماضية.
وأوضح في هذا الصدد أن أغلبية الكتب التي كانت تتعرض للمنع تطرح قضايا سياسية ودينية والآن توفرت كل الكتب دون تمييز على غرار "قوة الطاعة" و"صديقنا بن علي" و"إيديولوجيا الإسلام السياسي والشيوعي" و"المفكرون الجدد في الإسلام" وغيرها بما سيتيح تنشيط حركة المبيعات ودعم دور قطاع المكتبات الخاصة في الساحة الثقافية.
وفي مكتبة Claire Fontaine التي تستقبل يوميا عددا لابأس به من الحرفاء الذين يرغبون في اقتناء كتب أكاديمية وأدبية تحدثت نرجس التوكابري عن الانعكاسات السلبية للرقابة المفروضة على نوعية الكتب مما أدى إلى إغلاق عدة مكتبات في السنوات الأخيرة.
وقالت إن الرقابة على الكتب هي عملية تضييق ثقافية مناهضة لحق التعليم والمطالعة مضيفة أن مكتبة "العيون الصافية" كانت في ظل الرقابة عاجزة عن توفير حتى الكتب العلمية الضرورية للطلبة والباحثين للقيام بدراساتهم وأبحاثهم.
ومن جهته أبدى السيد محمد الدبوسي وكيل مكتبة "المعرفة" اهتماما كبيرا بمسألة انخفاض أسعار الكتب وقال إن إلغاء رخصة توريد الكتب يشكل قرارا هاما لكن ينبغي اتخاذ عدة إجراءات أخرى في هذا الاتجاه ملاحظا أن الدولة عليها أن توظف الدعم الموجه للكتاب توظيفا أكثر إيجابية.
وأشار إلى أن الناشرين التونسيين يمثلون عنصرا أساسيا في الساحة الثقافية ولهذا ينبغي أن يسجلوا حضورهم بقوة في معارض الكتاب الوطنية والدولية لمزيد التعريف بالكتب والمؤلفين التونسيين.
وحول الإجراءات الديوانية قال إن السبيل الأمثل هو تعويض الإجراءات التقليدية مثل "ملف الاستيراد" بوصل اقتناء مباشر عن طريق الانترنات.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire